إنضاج الجلود إن نار الجبار سبحانه وتعالى تحرق جلود أهل النار ، والجلد موضع الإحساس
بألم الاحتراق ، ولذلك فإن الله يبدل لهم جلودا أخرى غير تلك التي احترقت ،
لتحترق من جديد ، وهكذا دواليك ، ( إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم
نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان
عزيزا حكيما )ا
الصهر من ألوان العذاب صب الحميم فوق رؤوسهم ، والحميم هو ذلك الماء الذي انتهى
حره، فلشدة حره تذوب أمعاؤهم وما حوته بطونهم ( فالذين كفروا قطعت لهم ثياب
من نار يصب من فوق رؤوسهم الحميم ، يصهر به ما في بطونهم والجلود )ا
وأخرج الترمذي من حدبث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( إن الحميم ، ليصب على رؤوسهم فينفذ حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في
جوفه ، حتى يمرق من قدميه ، وهو الصهر ، ثم يعود كما كان )، وقال : حسن
غريب صحيح
اللفح أكرم ما في الإنسان وجهه ، ولذلك نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ضرب
الوجه ، ومن إهانة الله لأهل النار ، أنهم يحشرون يوم القيامة على وجوههم
عميا وبكما وصما ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم
جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا ) ، ويلقون في النار على وجوههم ( ومن جاء
بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون )، ثم إن النار
تلفح وجوههم وتغشاها أبدا لا يجدون حائلا يحول بينهم وبينها ( لو يعلم
الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون )،
وقال ( تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ) ، وقال ( سرابيلهم من قطران
وتغشى وجوههم النار ) ، وقال ( افمن يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة )،
وقال ( يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا
الرسولا ) ، أرأيت كيف يقلب اللحم على النار ، والسمك في المقلى ، كذلك
تقلب وجوههم في النار ، نعوذ بالله من عذاب أهل النار
السحب ومن أنواع العذاب الأليم سحب الكفار على وجوههم في النار ( إن المجرمين في
ضلال وسعر ، يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر )، ويزيد من
آلامهم حال سحبهم في النار أنهم مقيدون بالقيود والأغلال والسلاسل ( فسوف
يعلمون ، إذا الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون، في الحميم ثم في النار
يسجرون ) ، قال قتادة : يسحبون مرة في النار ومرة في الحميم
تسويد الوجوه يسود الله في الدار الآخرة وجوه أهل النار (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما
الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ،
وهو سواد شديد ، كأنما حلت ظلمة الليل في وجوههم ( والذين كسبوا السيئات
جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة مالهم من الله من عاصم كأنما أغشيت وجوههم
قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )ا
إحاطة النار بالكفار أهل النار هم الكفار الذين أحاطت بهم ذنوبهم ومعاصيهم فلم تبق لهم حسنة ،
كما قال تعلى في الرد على اليهود الذين قالوا : لن تمسنا النار إلا أياما
معدودة ( بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها
خالدون )، ولا يكون المرء كذلك إلا إذا كان كافرا مشركا، يقول صديق خان : (
المراد بالسيئة هنا الجنس ، ولا بد أن يكون سببها محيطا به من جميع جوانبه
، فلا تبقي له حسنة ، وسدت عليه مسالك النجاة ، والخلود في النار هو
للكفار المشركين ، فيتعين تفسير السيئة والخطيئة في هذه الآية بالكفر
والشرك ، وبهذا يبطل تشبث المعتزلة والخوارج لما ثبت في السنة متواترا من
خروج عصاة الموحدين من النار )ا
ولما كانت الخطايا والذنوب تحيط بالكافر من كل جهه ، كما قال تعالى : ( لهم
من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ) ، والمهاد ما يكون من تحتهم ، والغواش جمع
غاشية ، وهي التي تغشاهم من فوقهم ، والمراد أن النيران تحيط بهم من فوقهم
ومن تحتهم ، كما قال تعالى ( يوم يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم )
وقال في موضع آخر ( لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل ) ، وقد صرح
بالإحاطة في موضع آخر ( وإن جهنم لمحيطة بالكافرين )